منذ عدة سنوات كانت اولى الخطوات خارج مصر مع مجموعة من الزملاء
جروب محترم كان..حتى وان كنا مختلفين في طريقة تفكيرنا...نظرتنا للأمور ....حكمنا عليها...لكن الاتجاه الأغلب فيه كان الاحترام
وبما ان السفر كان لدولة غربية...ولفترة طويلة نسبيا ..فكانت من اهم مشاكلنا الطعام
هل نأكل من طعامهم ونأخذ بالفتاوى والرخص بانه يجوز الأكل من طعامهم مع وجوب التسمية عليه حتى وان لم يكن مذبوحا على الشريعة الاسلامية
ام نثبت على ديننا لاننا لن نهلك ان لم ناكل اللحوم والبديل موجود في الأسماك والخضروات ولنصبر ولنحتسب عند الله
المهم.....بالنسبة لي والحمد لله الأمر كان محسوما بتثبيت الله ....فمن اضطر في مخمصة..وبما اني لن اهلك اذا لم آكل لحوما....فلن آكل الا مما انا متاكد انه حلال ومذبوح على الطريقة الاسلامية
مشكلة هذا المكان الذي كنا فيه ان اقرب جالية مسلمة على بعد 50 كم ....ولا يوجد مكان نخزن فيه الطعام خاصة في ايامنا الأولى
الخلاف كان مع الزملاء...وعملا بمبدأ النصح والارشاد تحدثنا..تجادلنا كثيرا جدا..كل جاء بأدلته....
المشكلة كانت في الجدال ...كل واحد يجئ بأدلة ..وبما قال الفقهاء لمن يعرف...بل وتطرق النقاش.....وهو ليه اساسا..وليه التضييق...وليه اساسا الأمر بعدم اكل هذه اللحوم...بل وصدقوا او لا تصدقوا...الظرف التاريخي
..ورايا ورايا
:)
في النهاية اغلبهم اجمع على الأخذ بالرخص....وثبت انا على رأيي...بعضهم انتقدني بشكل عابر لاني لم اتبع رأي المجموع والعموم في النهاية - الشورى يعني وان لم نستخدم هذا اللفظ
انتهى دوري هاهنا
بعد هذه النقاش بعدة ايام كنت اقرأ وردي في القرآن وقرأت الآية ...ووقعت عيني فيها على عابرة وكأني اقرأها للمرة الأولى
وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ
وإن الشياطين ليوحون الى اوليائهم ليجادلوكم
وكاني أقرأها لأول مرة في حياتي
ما علاقة كلمة كبيرة مثل هذه ....بكلام عن الحلال والحرام في الطعام
لكن هذا هو الأسلوب القرآني في ارساء القواعد العامة للتعامل في حياتنا..وليس مثل اسلوب بدأ يظهر الآن بالبحث عن الظرف والحال ...والتلاعب اللفظي ...حتى في الحلال والحرام
تذكرت جدالنا..مع كل احترامي لزملائي وسأروي لكم ما حدث بعد قليل ..لكن العبارة كانت صادقة جدا...كما هو القرآن دائما
لكم يلبس الشيطان الحق بالباطل
وكم يوحي للناس بالجدال
صحيح قد لا يكونوا اولياء للشيطان ...ولم يكونوا وانا جاي في الكلام
لكن الله وصف بهذا الوصف
وكأن نتيجة الجدال الكثير في اوامر الله...والاختراع فيها..ونسيان معنى كلمة اسلام...لله رب العالمين..وان يكون هوانا تبعا لما جاء به
وكأن نتيجة الاختراع والتفلسف في كلام ربنا الواضح والصريح
هي ان نكون اولياء للشيطان
يقول لنا الأحكام والحدود مرتبطة فقط بهذا الزمان..الآن اختلف
يقول لنا...الحجاب مرتبط بمكان ..وزي العرب...والتاريخ..مع ان العرب كانوا يطوفون بالبيت عرايا !!!!!
الجهاد والخلافة كانت لهذا العصر...الآن العالم "الحر المتمدين" يسير بشكل آخر
يقول لنا السنة غير مؤكدة..وما ادرانا انها سنة النبي
يقول ويقول ونجادل ونجادل
ولا نطيع امر الله بشكل مباشر
كدأب بين اسرائيل...اذبحوا بقرة....فذبحوها وما كادوا يفعلون
ثم بقية الآية
ولئن اطعناهم...نكون مشركين
هكذا يقول الله عز وجل
فثبت قلبي واطمئن بحمد الله ...واني لم اخرق الشورى
بعد يومين تلاتة...اكبرنا سنا -وأقرأنا لكتاب الله - تراجع عن رأيه..واشهد له بالضمير الحي حتى مع اختلافنا في كثير
بعدما كانت من نصيبه في الغداء قطعة لحم..لم تكن مسواة جيدا ....وكانت ملأى بالدم
قال انه شعر ان الله غير راض عن قراره وان هذه اشارة من الله
بعدها...شيئا فشيئا جميعنا تبنى نفس الرأي
ثم كان تثبيت الله لنا فيما بعد - على حد قول اكبرنا سنا - وجزاء اتقائنا لله
اكتشفنا مطعم في هذا المكان يحرص صاحبه المسلم على الخامات الحلال .واطلعنا على تصاريحه بل وعلى الخامات التي يجئ بها وتصاريحها
ومن يتق الله يجعل له مخرجا
تذكرت هذا الموقف مع آية اخرى من القرآن
قصة آدم في اوائل سورة البقرة
مثال للفلسفة وللالتفاف حول اوامر الله
الله امر بعدم الأكل من الشجرة
آدم وسوس له الشيطان...بأن الأكل من الشجرة فيه كل الخير ....بل لعله وسوس له انها ستقويه على العبادة
فلما اكلا..بدت لهما سوءاتهما
ولئن اطاعا امر ربهما ...مباشرة..بدون لف كتير....لكان افضل
نلتقي بعد الفاصل
(:
**************************************
موقف 1
اول مرة دخلت المطعم مع زميل عربي -ملتزم-اخطأت وخدت دجاج ونسيت مع اني كنت ناوي..اما هو فلم يفعل ولم ير ما فعلته
جلسنا امام زميلة من شرق آسيا كانت تعرف زميلي هذا قبل مجيئنا عرفها علي وانني من مصر ...سألتني مسلم قلت لها نعم...علقت على اني ابدو مسلما غير متشدد كزميلي لاني اخذت دجاج
قلت لها..شكرا انك ذكرتيني فقد اخذته بالخطأ
:)
فيما بعد قررت من منا المتشدد...لكن هذه حكاية أخرى
(:
والله ما عملتلها حاجة
(:
موقف 2
سوبر ماركت في عاصمة نفس الدولة
بعد شهر تقريبا من وصولنا
واقف انا وزميل بنضرب اخماس في اسداس امام علبة مخلل ...هل الخل المستخدم به نسبة كحول ام لا...نحاول الترجمة ومختلفين في معنى كلمة معينة
صوت مصري ولهجة مصرية تدخل السوبر ماركت .....سيدة مصرية اكبر مننا في السن معها سيدة اخرى عربية شامية من لهجتها...يبدو من كلامهما انهما مهاجرتان لهذا البلد
السيدة لم تكن متحجبة ولكن كانت لابسة لبس محتشم....على الرغم من ان الجو صيفي جدا....لذا فتشجعنا وسألناها
نظرت لنا...باستغراب نوعا ....ثم سريعا جدا على العلبة ...ثم قالت....خدوها ماتخافوش...ربنا مش هيعملكم حاجة ياحبايبي - يا حبايبي على اساس انها اكبر مننا
بس شكلنا مش كتكوت اوي كده خالص
(:
تنحنا...ازبهلينا شوية....بعد حوالي نصف دقيقة اما فوقنا...قال زميلي..ما تخافش عندها هي المرة دي
(:
خرجنا هذا اليوم من السوبر ماركت...بزجاجات الماء....الحلال
فقط
(:
طبعا الموضوع لم يكن ...ربنا مش هيعملكم حاجة
لكن كانت مسألة مبدأ في المقام الأول
والحمد لله رب العالمين
***************************
عدنا
من حوالي 10 سنين كانت المشكلة في التدين هي الخوف من التطرف وتبعاته الاجتماعية والأمنية
من حوالي عشرين سنة...كانت المشكلة هي الانحراف الاخلاقي الى حد ما وصعوبة التعاليم الدينية على النفوس
من 30 سنة كانت المشكلة هي ان الموضوع جديد..القيم الأخلاقية كانت عالية عند الناس الى حد ما..لكن بسبب ما قبله كان البعد عن التدين وانتشار مظاهر التغريب هي الطاغية مع وجود بعض القيم الاخلاقية
كنا نجد انتشار الخمور مثلا...لكن لم نكن نسمع عن جرائم وافعال مثل ما نسمعه الآن
ولكن كان هناك استعداد للتعلم ..والدليل هو الجيل الحالي المسمى بجيل الصحوة..جيل جمال حشمت وعصام العريان وخيرت الشاطر ووجدي غنيم
من 40 ومن 50 سنة وما قبلها كانت المشكلة هي غربة الدين نفسه...غربة تعاليمه....الدين كان في قالب الدروشة وحلقات الذكر وكانت القومية والوطنية هي الغالبة
الآن عندنا مشكلة جديدة تماما
التدين يرجع الى الخلف
بعد ما كان الاعتراف بالخطأ والتقصير هو السائد انتشرت بدعة -خرافة-مراجعة الافكار القديمة
اصبحت قيم الدين سخيفة عند البعض- لا تناسب الواقع
السنة اصبحت عرضة للتشكيك والادعاء انها وصلت مشوهة..وطالما حديث واحد ندعي زورا انه وصل مشوه ..اذن اصبحت السنة كلها عرضة للتشكيك والأخذ منها بما يناسب اهوائها
يعني حتى حتى بفررررررررررض ان فيه حديث وصل مشوه...اجتماعنا عليه افضل من هدم السنة
اصبحت الأمثلة البديهية للرد اكلاشيهات واشياء قديمة وسخيفة
اصبحنا نبرر الكفر والزندقة بدعوى ان الاقدمين - عباسيين وامويين وعثمانيين واندلسييين كانت هناك زندقة في عصرهم
لكن نسينا ان الزندقة ظهرت عندما ضعف الارتباط بالدين وتطبيقه على منهاج النبوة..وان نهاية هذه الدول كانت شنيعة ولم يشفع لها انها كانت مسلمة بالاسم لانها تفشى فيها الظلم وسنة الله واحدة في الكون
الأموية انتهت بقتل افرادها - العباسية انتهت بمذبحة بغداد على يد المغول -مليوني شخص - العثمانية انتهت بعلمنة الدولة بعد هزيمتها في الحرب العالمية وتقسيم ممتلكاتها بما فيهم مسلميها - الاندلسيين تآكلت الدولة شيئا فشيئا حتى انتهى الوجود الاسلامي وانذل المسلمين بمحاكم التفتيش..واصبحنا الآن ندخل اسبانيا بجوازات سفر اوروبية دون ان يطرف لنا جفن او نتذكر ان هذه كانت ارض مسلمة لقرون تسبح بحمد ربها
كل هذا بدأ بالبعد عن الدين وبالحداثة الزائفة وظروف المجتمع- المنحل- اتلي تفشت فيها ..وليس بالثبات على نهج النبي
مراجعة الافكار القديمة ليست فكرة سيئة تماما .... ولكنها هنا في هذا المقام قول حق يراد به باطل .....نراجع القديم اذن نشكك في قواعد الدين..بناء الفقه الاسلامي ..الفروض والمحرمات وتغييرها ..الكف عن الدعوة لدين الله بدعوى اختلاف البيئة والزمان والمكان
مراجعة الافكار القديمة...قد تشمل اسقاطها عى الواقع...على ظروف المجتمع بان تكون قوانينه مرجعيتها دينية بما يتناسب مع التقدم في وسائل المعيشة والاتصالات وكل نواحي الحياة
قد يشمل البحث عن سبل افضل لعبادة الله وتيسير العبادة على الناس وتعريفهم بدينهم
لكن نقض الدين من اساسه وهدم بناءه الفقهي......سيكون نتيجته عقابا
هل الموضوع كيميا
هل كل العباقرة دول مش قادرين يوفقوا المعادلة
هل صعب..نلتزم بمنهج السلف...بلاش السلف عشان اللي عندهم ارتيكاريا...منهاج اهل السنة والجماعة ..منهاج النبوة ...نلتزم بديننا ونطبقه بشكل عصري دون التفريط...لا نرضي احد في سخط الله وتكون الأولوية لمرضاة الله..وفي نفس الوقت يكون الهدف الاساي الرحمة لخلق الله جيمعا مسمين وغير مسلمين
لا اجد اي صعوبة في ذلك وليست فكرة مستحيلة...فقط لمن اراد ونحى هوى النفس
أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ
****************************************************
الصفحات التي بها الآية
وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ
الصفحة كلها مليانة
وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ
أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ
لكن اهمهم..واكثرهم انطباقا على واقعناهذه الآية
وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ
نظن
نظن الحداثة...نظن التاريخ...نظن المكان
لكن الواقع والحقيقة..هي ما فعله النبي وصحابته
وما يجب علينا اتباعه
وان تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله
الان الممثلة الملتزمة التائبة الشهيرة تعود للخلف
أطاعت أكثر من في الأرض الآن
وأيدت المعترضين على الحجاب
هذا ان صح الخبروقد حدث من قبل
وقبلها عاد كثيرين وكثيرين...وتغير فكر كثيرين وكثيرين
اما لاسباب دنيوية...او لطول الأمد وقسوة القلوب
هي فتن .......ابتلاءات من الله
من سيثبت...نسأل الله لنا جميعا الثبات
ان تعض على اصل جذع شجرة
عن نفسي....تخيلي انه سيناريو بداية النهاية
عندما يأتي المهدي والمسيح...سيثبت معهم فقط الصادقين المخلصين
وليس من سقط في الفتنة
سيثبتوا مصداقا لاعمالهم وصدقهم.....قدر استطاعتهم....وليس لانتظارهم في الظل
قد يتوفانا الله قبلها
ولكن ليتنا نموت على نهج من سيروا من بعد نبينا اختلافا كثيرا..فهم اخوانه....ولهم خمسين من أجر الصحابة
سيبدو هذا الكلام للبعض كمثيولوجيا وتخاريف
لكن الأغلب ان هذه ستكون الحقيقة
فلنسأل الله لنا جميعا الثبات..لان الواحد نفسه...يعود للخلف